أول شخص يخطر ببالك المواطن عندما يشاهد إماما جليلا ومستنيرا كالشيخ أسامة الأزهري يؤدي اليمين الدستورية وزيرا للأوقاف، هي صورة إمام الدعاة الأسطورة محمد متولي الشعراوي، الذي سبق تلميذه النجيب إلى كرسي المنصب واكتفى بمنضدة صغيرة فى مكتبه الفاخر وحزمة أوراق وأوامر صارمة لسكرتيره بفتح الباب دائما لأى شكوى أو مظلمة!!
الدين والسياسة!
واشتهر الشعراوي بمقولته: «أتمنى أن يصل الدين إلى أهل السياسة ولا يصل أهل الدين للسياسة»، وبتلك الحكمة سار الشيخ العظيم الراحل في التعامل مع العمل العام؛ لكيلا ينشغل عن الدعوة، واستطاع أن يضرب مثلا بأفضل تعامل ديني مع تلك المهنة، ويثبت للجميع أن خلط الدين بالسياسة لا يفسد السياسة ولكنه يصلح حالها.
مواقف القدوة!
ولابد وأن الأزهري قد اطلع وقرأ ما جاء على لسان قدوته الشعراوي عندما قال: «يقولون: لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة، وهذا قول باطل وغير صحيح، والذين فعلوا ذلك يريدون أنْ يجعلوا لأنفسهم سلطة زمنية تخضع لأهوائهم ليفعلوا ما يريدون، لقد تعمدوا عدم الارتباط بمنهج السماء في إدارة شئون الأرض، لأن منهج السماء يقيد حركتهم، ونسُوا أنه أيضًا يقيد حركة المحكومين لمصالحهم».
تدمير قلاع الفساد!
يذكر التاريخ موقف الوزير الشعراوي عندما أوقف توفيق عويضة سكرتير المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، الذي شكاه 3 وزراء أوقاف متعاقبون لسوء تصرفاته المالية، ولكن لم يستطيعوا فعل شيء له، حتى جاء الشعراوى وفجر قضية نفوذ هذا الرجل في استجواب قدمه بشأنه في مجلس الشعب، واستطاع إسقاط قلعة من قلاع الفساد وقتئذ.
null
الداعية أقوى من الوزير!
وكان إمام الدعاة وزيرًا ذا طابع خاص، يرفض العمل السياسي رغم أنه في منصب سياسي وظل داعية محتفظًا بتواصله مع الناس، ولم يغير من عاداته شيئًا، حتى أنه استمر في مسكنه المتواضع جدًا في المساكن الشعبية المجاورة لمسجد الحسين.
نصرة الفلسطينيين!
وعندما ترك الشعراوي الوزارة غير آسف أو نادم، ظلت السياسة تطارده، وفي خواطره الإيمانية تناول الآيات التي تحدثت عن اليهود فاضحا غشهم وغدرهم للفلسطينيين، مما جعل السفارة الإسرائيلية بالقاهرة تحتج، وتطالب بوقف بث حلقاته في التليفزيون، بل وصل الأمر إلى أبعد من ذلك فحينما شكا مناحم بيجن رئيس وزراء إسرائيل من جريدة اللواء الإسلامى، منعت الحكومة الإسرائيلية هذه الجريدة من الدخول لأراضيها، وصادرت كل أعدادها التي تحدثت عن اليهود.
مشهد الشورى!
ورغم تحقيقه نجاحات كثيرة بتوليه الأوقاف، عندما أصدر الرئيس الراحل أنور السادات قرارا بتعيينه عضوا في مجلس الشورى، لم يذهب إلى المجلس ولم يحلف اليمين، ولذلك لم يسجل اسمه كعضو في المجلس؛ لأن العضو لا يصير عضوا بمجرد صدور القرار ولكن بعد حلف اليمين.
null
المعلم والتلميذ!
وتبقى محطات الشعراوي نقاطا مضيئة يستهدي بها خليفته ويتعلم منها العبر؛ عمق التجربة وشجاعة الاختيار مع ثبات المبدأ وقوة العقيدة. وقد يخوض الأزهري غبار معارك السياسة والدين في ساحة الأوقاف متسلحا بعزيمة ونقاء سمعة وسيرة معلمه الأول فى العلم الأكاديمي والدور الحكومي الرسمي!